
دراسة إسبانية حديثة اكدت أن حمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالخضروات والفواكه والأسماك والمكسرات ومنتجات الحبوب الكاملة تحمي الأشخاص من الإصابة بالاكتئاب. حيث ادعى المشرف على الدراسة ميغيل مارتينز جونزاليس من جامعة نافارا أن تأثير حمية البحر الأبيض المتوسط يخفض من إحتمال الإصابة إلى درجة قد تصل إلى ٥٠ في المئة.
يذكر أن الكثير من الأطباء يقومون بتوصية مرضاهم بإتباع حمية البحر الأبيض المتوسط نظراً لدورها الوقائي في حماية الجسم من النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض القلب والشرايين الأخرى. هذه الدراسة تثبت لنا الأن أن حمية البحر الأبيض المتوسط لا تقي الجسم فقط من هذه الإصابات بل تقوم أيضاً بالتأثير على الصحة العقلية وحمايته من الإصابة بالاكتئاب. الدراسة نشرت في في المجلة “أرشيف الطب النفسي العام”.
قام العلماء الإسبان بإشراك حوالي ١٠١٠٠ شخص في هذه الدراسة لم يكونوا مصابين بالاكتئاب أو لم تظهر عليهم علامات الإكتئاب. الدراسة بدأت في العام ١٩٩٩، حيث قام المشتركون بملئ استبيانات والإجابة عن الاسئلة حول عادتهم الغذائية. إهتمام العلماء كان في المقام الأول هو إستهلاك الأشخاص للخضار والفواكه والمكسرات (الجوز، الفستق إلخ) والبقول والحبوب والأسماك. وبالإضافة إلى ذلك، قام العلماء بدراسة ما إذا كان المشاركون يتناولون الأحماض الدهنية الغير المشبعة الصحية المتوفرة جداً في زيت الزيتون أم يتناولون الأحماض الدهنية المشبعة المتواجدة في الدهون الحيوانية الغير صحية. كما إعتبر العلماء أيضا أن استهلاك وتناول اللحوم ومنتجات الألبان كاملة الدسم بشكل مفرط من العادات الغذائية السلبية.
بعد حوالي أربعة أعوام ونصف من مراقبة المشاركين تبين أن ٤٨٠ منهم ظهرت عليهم علامات الإكتئاب. معظم الذين اصيبوا بالإكتئاب قاموا بتناول القليل من الأغذية المتداولة في حمية بحر الأبيض المتوسط. حيث كشفت البيانات نتيجة تحليل دقيق عن وجود علاقة قوية غير مباشرة بين مخاطر الاصابة بهذا المرض النفسي وبين الكمية المستهلكة من الفواكه والمكسرات والبقول وغيره من غذاء بحر الأبيض. كلما إزداد تناول مثل هذه الأطعمة كلما قلت مخاطر وإحتمالات الإصابة بالإكتئاب. العلماء حصلوا على نفس النتائج عند الأشخاص الذين استهلكوا الأحماض الدهنية الاحادية الغير المشبعة (زيت الزيتون) بالمقارنة مع الذين تناولوا الأحماض الدهنية المشبعة (الدهون الحيوانية).
يقول المشرف على الدراسة أن هناك عدة تفسيرات محتملة لهذا التأثير الإيجابي للحمية. الأول منها هو أن حمية البحر الأبيض المتوسط تقوم بتحسين وظيفة البطانة الشريانية (جدار رقيق من الأوعية الدموية الداخلية)، التي تقوم بدور أساسي في تشكيل وبناء بما يسمى بالغذاء العصبي (عامل التغذية العصبية للدماغ)، والتي تعد ضرورية لنمو ونشاط الخلايا العصبية، لأن في بعض حالات الإكتئاب يشتبه أن هناك خلل في وظيفة عامل التغذية العصبية، كما يقول المشرف.
بالإضافة إلى ذلك يقوم زيت الزيتون بتعزيز صلة الناقل العصبي سيروتونين مع المستقبلات في الخلايا العصبية. حيث اكد المشرف على أن السيروتونين يلعب دورا رئيسيا في حالات الاكتئاب وقال أن الأدوية الكيميائية المقاومة للإكتئاب تقوم بزيادة مادة السيروتونين في الدماغ، على سبيل المثال. كما يدعي المشرف أن الأثر الإيجابي لحمية بحر الأبيض المتوسط هو أيضاً غناها بأحماض أوميغا ٣ الدهنية، التي تكثر في الأسماك والمكسرات وأيضاً بشكل وفير في الزيوت النباتية، ربما لأنها تقوم بتحسين وظيفة الجهاز العصبي المركزي.
كل هذه الآليات تحسن وظيفة الدماغ وقدرتها على مقاومة الصعوبات اليومية التي تزيد من إنتاج هرمونات التوتر والإجهاد، يقول المشرف. لكنه يؤكد أيضاً أن حمية بحر الأبيض المتوسط لا تعالج حالات الإكتئاب بل تقاوم فقط الإصابة بها.